محمد رسول الكيلاني - قسم بحوث ودراسات العدالة البيئية
مساحات شاسعة من الأراضي المخصصة لزراعة محاصيل استراتيجية مثل القمح والشعير في الكرك أفضت خالية بالكامل بسبب موجات الجفاف في عام 2022، وقام مزارعو المزار الجنوبي ومنطقة مؤاب ومناطق متعددة في الكرك بمطالبة الحكومة بإعلان حالة الجفاف. لكن بعد تقييم الموسم المطري والمعدلات العامة ومستويات السدود، أعلنت الحكومة بأن اعلان حالة الجفاف لم يستوف المعايير.
قام فريق بحثي من المركز الوطني للعدالة البيئية و الجامعة الأردنية بالتعاون مع المركز الوطني للتقليل من أثار الجفاف في جامعة نبراسكا بتقييم حالة الجفاف في منطقة الكرك، و تم ذلك باستخدام مؤشرين للجفاف، الأول هو “مؤشر الهطول المطري المعياري” والذي تم تطويره في عام 1993 في الولايات المتحدة الأمريكية و يعتمد فقط على معدلات الهطول المطري، والمؤشر الثاني هو “مؤشر الهطول المطري و النتح والتبخر المعياري” والذي تم تطويره في عام 2010 كنسخة معدلة من المؤشر المذكور سابقا, ويأخذ بعين الاعتبار الهطول المطري إضافة الى عوامل متصلة بفقدان الرطوبة من التربة والنبات مثل الحرارة كما يساعد في أخذ الاحتباس الحراري بعين الاعتبار. وتضمن الفريق محمد رسول الكيلاني الباحث الرئيسي ومدير البحوث و الدراسات في المركز الوطني للعدالة البيئية, ود.جواد البكري الأخصائي في الاستشعار عن بعد والجفاف واستشاري منظمة الغذاء و الزراعة العالمية, ود.ميشيل راهبة المتخصص في الهايدرولوجيا وادارة موارد المياه من الجامعة الأردنية, بالتعاون مع د.كودي كنوتسون و د.تسيغيه تاديسي من الولايات المتحدة الأمريكية.
وتظهر نتائج التحليل أنه وعند استخدام مؤشر الهطول المطري المعياري، فانه بالفعل لم يتبين وجود حالة جفاف في الكرك في عام 2022، وذلك يفسر عدم اعلان الحكومة لحالة الجفاف في الكرك، حيث أنها تستند الى الهطول المطري ومستويات السدود لتقييم وضع الجفاف. لكن عند استخدام المؤشر المعدل (الهطول المطري والنتح والتبخر المعياري) تبين أن الكرك تعرضت لأسوء موجة جفاف منذ 40 عاما، وقد تكون الأكثر حدة في تاريخ المنطقة. حيث تبين أن تأثيراتها بدأت في شهر فبراير وامتدت حتى نهاية موسم الحبوب في يونيو.
تظهر النتائج ضرورة تعديل المعايير المستخدمة في الأردن لإعلان حالة الجفاف، أو تطوير نظام طوارئ لحالات الجفاف التي تكون بسبب عوامل جوية متعددة ولا تقتصر فقط على الهطول المطري.
الأسلوب المتبع حاليا، والمقتصر على أخذ الهطول المطري حصريا بعين الاعتبار له مميزاته ومنها البساطة وسهولة الاستخدام، ولكن أصبح يستوجب استخدام مؤشرات أكثر تعقيدا ودراسة أنماط حالات الجفاف المرتبطة بالعوامل الجوية المختلفة وأبعاد تأثيراتها على المحاصيل الزراعية، وتحديدا المحاصيل الاستراتيجية في المملكة.