COP27: من فاز ومن خسر

اتفق ما يقرب من 200 دولة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، على خطوة تاريخية لتوسيع نطاق المدفوعات للبلدان المعرضة لتغير المناخ وذلك عندما أعلنوا الموافقة على تشكيل صندوق “الخسائر والأضرار”.

NCEJ

كتبت: حنين أبو الرب

اتفق ما يقرب من 200 دولة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، على خطوة تاريخية لتوسيع نطاق المدفوعات للبلدان المعرضة لتغير المناخ وذلك عندما أعلنوا الموافقة على تشكيل صندوق “الخسائر والأضرار”.

ولو لم الاتفاق لاعترت قمة شرم الشيخ قمة فاشلة بلا منازع، لذلك كون القمة عقدت في دولة افريقية، ولا يهم كونها عربية، وبما أن القارة الأفريقية هي الأكثر تضررا من المشاكل المناخية فكان لذا القرار وقعه المميز.

فما الذي تم الاتفاق عليه؟

باختصار شديد تم الاتفاق على أن أكبر متسبب في انبعاث الكربون في الغلاف الجوي سيتعين عليه دفع مبالغ مالية كبيرة إلى الدول الأشد فقراً. وهذا يعني أن الدول الغنية في شمال العالم ستساعد أفقر دول جنوبه.

وهذا اعتراف تاريخي بأن أساس وأصل المشكلة المتعلق بالإنبعاثات والتي بدأت مع عصر الثورة الصناعية في دول أوروبا وأميركا هي الأساس وبالتالي هي من عليها تحمل التبعات الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري وبالتالي الدول المتضررة وخصوصا الدول النامية هي من ستعطى وبشكل مستمر تعويضات ليكون بمقدورها مجابهة التغير في المناخ وما ينجم عنه.

ويشمل ذلك الأموال للمساعدة في مواجهة الكوارث في شكل برنامج كشف حالات الطقس المتطرفة، بما في ذلك العواصف والجفاف والفيضانات التي تفاقمت بسبب الاضطرابات المناخية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة.

ما الذي لم يتم الاتفاق عليه؟

ببساطة فإن ذلك الصندوق لن يخدم الجميع، فقط أولئك الذين تنطبق عليهم معايير أول طرح لفكرة الصندوق والتي أطلقتها الدول النامية منذ 1992 أي مع قمة الأرض في ريو دي جانيرو،  علما أن معايير القياس لن تصمد أيضا بمن يتعيبن عليهم الدفع، فدول كالصين كانت متضررة أصبحت متسببة وبالتالي تم تأجيل الإعلان عن المعايير الجديدة حتة قمة COP28 في أبو ظبي.

وتعرضت النتائج الرئيسية للعام الماضي لهجوم مستمر من قبل بعض البلدان. وتم إلغاء الالتزامات بناءً على طلب من البلدان المتخلفة ومنتجي الوقود الأحفوري.

وأيضا لم يصل المشاركون لاتفاق حول تخفيض الانبعاثات بحلول عام 2025، والتخفيض التدريجي للفحم والتخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري وحتى نقطة الضوء الوحيدة والمتعلقة بالتعهدات المتعلقة بالطاقة دخلت حيز التنفيذ على استحياء وتم تحديد الطاقة المتجددة على أنها الطريق لمعالجة أزمة الطاقة.

ولعل أبرز المتفائلين من ربط بين اللقاء الأميركي الصيني واعتبره لحظة نجاح، غير أننا من وجهة نظر بيئية مناخية ندرك أنهما كدولتين هما الأكثر إضرارا بالأرض بسبب الإنبعاثات التي تتسبب بها كل منهما، بالإضافة للمنافسة الشديدة على السيطرة على الأسواق الأمر الذي دفع كل منهم لرفع وتيرة الإنتاج على حساب كل شيء اخر.

ولا توجد معادلة حالية حتى الآن لتقدير الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ. ويجب أن يتضمن التقدير المالي تقييمات الخسائر في الدخل والخسائر في رأس المال التي تعتبر النقطة الأساسية في تقييم من سيدفع وكم سيدفع، كما يجب أن تكون التقيمات على أساس نهج الثروة الشاملة كما صممه برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

ويحتاج المرء أن يأخذ في الاعتبار قيمة خدمات النظام البيئي التي يوفرها رأس المال الطبيعي هنا. الأدبيات المتعلقة بتقدير قيم خدمات النظام الإيكولوجي مليئة بالمناطق النامية والمتخلفة، وتحتاج إلى تناولها بشكل عاجل. ولكن من الذي سيحكم في حالة وجود نزاع؟ هذا بحد ذاته يعتبر التحدي الأكبر.

للوصول إلى تقدير الثروة الشاملة، هنا يحتاج المرء إلى تقدير الخسارة على أنها اختلاف قيم الثروة الشاملة في فترة الأساس والفترة الحالية عندما تسببت الأحداث المتعلقة بالمناخ بالفعل في الخسائر والأضرار. ويجب على المرء أن يدرك أن الخسارة الناتجة ليست مجرد اختلاف بين نقطتين في جدول بيانات، لكنها مجموعة من التأثيرات المتتالية عبر مرحلة زمنية، بالتالي قدير الخسائر يعني أكثر من حساب الربح والخسارة، هو فعليا حساب للفرص المستقبلية للنهوض من هذه الخساراة وإمكانية تعويضها.

كل ما سبق قادنا إلى ادراك المقياس أو المعيار الحقيقي للتقييم، وبالتالي التكيف مع الخسائر لا يكون الا في حالتين، اما الإصلاح وهو أمر ذو تكلفة هائلة، واما التعويض عن الخسائر وهو ما توصلت اليه الدول التي اجتمعت في شرم الشيخ.

ويجدر الإشارة إلى أن التعويض لن يكون دفعة واحد، بل دفعات وأقساط وجدولة وكأن تلك الدول التي تسببت بالخراب مستمرة في محاربة الإصلاح حتى في أبسط درجاته.

ولكن هناك أمل للتغيير ستسعى نحوه كل الدول في القمة القادمة، منها من سيحضر اجندة هدفها الربح ومنها هدفها الإنسان، ومنها هدفها التخلي عن المسؤولية.

NCEJ

كتبت: حنين أبو الرب

رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة – المركز الوطني للعدالة البيئية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *